اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 214
وذلتهم، لأنّهم كانوا في الدنيا في غاية
الكبر والغرور والإستهانة بخلق الله، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تجسيد لضلالتهم في
هذا العالم، ذلك أن من يسحبونه بهذه الصورة لا يرى ما أمامه بأي شكل، وغافل عما
حوله، والبعض الآخر أخذوا بمعناه الكنائي، فقالوا تارة هذه الجملة كناية عن تعلق
قلوب أولئك بالدنيا، فهم يسحبون إلى جهنم لأن وجوه قلوبهم لا زالت مرتبطة بالدنيا وقالوا
تارةً اُخرى: إنها كناية مستعملة في الأدب العربي حيث يقولون: فلان مرَّ على وجهه،
يعني أنّه لم يكن يدري أين يذهب.. لكن الواضح أنّنا مع عدم الدليل على المعنى
الكنائي، لابدّ من حملها على المعنى الأوّل، وهو المعنى الحقيقي)[1]
وهكذا
أخبر رسول الله a عن صفة خلقة المستكبرين الظلمة، فقال: (يحشر
المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر[2] في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان)[3]، وفي رواية: (يبعث الله يوم القيامة ناساً في صور الذر يطؤهم الناس
بأقدامهم، فيقال: ما هؤلاء في صور الذر؟ فيقال: هؤلاء المتكبرون في الدنيا)
[4]، وفي رواية: (يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال ؛
يغشاهم الذل من كل مكان ؛ يساقون إلى سجن في جهنم يقال له: (بولس)، تعلوهم نار
الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار: طينة الخبال)[5]
وهذا
يتناسب تماما مع ذلك الخلق الذي شكلوا منه نفوسهم في الدنيا، وهو ما جعلهم يرون لها
من الشرف والفضل ما ليس لغيرها؛ ولذلك كانوا يطالبون غيرهم أن