اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 190
وحرصهم؛
فهم لا يريدون النعيم الخاص بهم فقط، بل هم كذلك، وفوقه حريصون على الإسلام الذي
عاشوا حياتهم كلها من أجله.
وقد
أشار إلى هذا الصنف قوله تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا
عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ
يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23]، وقد قال بعدها: ﴿لِيَجْزِيَ
الله الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 24]
ومن
مقتضيات ذلك الجزاء، كما هو العادة في الكرم الإلهي، إعطاء من يجزون ما تقتضيه
رغبتهم وحاجتهم.
ويشير
إلى هذا شوق رسول الله a لرؤية المؤمنين الذين لم يكتب
لهم أن يعيشوا في عهده، بل سماهم [إخوانا]، وهذا يدل على أن له صلة وثيقة بهم، لا
تقل عن صلته بأصحابه، بل إن الأخوة في اللغة أكرم وأرفع درجة من الصحبة، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله a: (وددت أني لقيت إخواني)،
قال: فقال أصحاب النبي a: أوليس نحن إخوانك؟ قال: (أنتم أصحابي، ولكن إخواني
الذين آمنوا بي ولم يروني)[1]
ويشير
إلى هذا أيضا قوله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ
وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (التوبة:105)،
فهذه الرؤية لا تقتصر على المؤمنين الأحياء، بل تشمل غيرهم أيضا.
وهي
تتجاوز الرؤية المجردة، بل إنها رؤية مؤثرة، ذلك أن أصحاب البرزخ يمكنهم أن
يساهموا في خدمة الأحياء عبر دعائهم، كما دل على ذلك قوله a: (إن أعمالكم تعرض على
أقاربكم وعشائركم من الأموات، فإن كان خيراً استبشروا به، وإن كان غير ذلك قالوا:
اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا)[2]
[1]
رواه أحمد 20/38 ح(12579)، وأبو يعلي (3390)، والطبراني في الأوسط (5490)
[2]
قال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (2/ 327): رواه الطبراني في الكبير والأوسط.
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 190