اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 185
تقرض
شفاههم بمقاريض من نار، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: الخطباء من أمتك يأمرون
الناس بالبر وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون؟!)[1]
وفي
رواية: (أتيت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار، كلما قرضت وفت،
فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون، ويقرءون
كتاب الله ولا يعملون به)[2]
ثالثا ـ البرزخ والصلة بالحياة الدنيا:
بما أن
البرزخ محل من محال الجزاء الإلهي، والذي يرتبط بأسماء الله الحسنى، فإن من
تجلياته التعامل مع أهله بحسب أعمالهم، ومواقفهم، وما في قلوبهم، وذلك ما تقتضيه
عدالة الله التي تأبى التسوية بين المختلفين، وتأباه كذلك ربانية الله، والتي
تقتضي أن يتعامل مع كل خطيئة بما يناسبها من أساليب التربية.
وبما
أن أهم المواقف التي طولب المؤمنون بها، الموقف من الحياة الدنيا، وعدم الاستغراق
فيها، وعدم تبديلها بالدار الآخرة، بل طولبوا بأن يعتبروها دار ممر، لا دار مقر،
ودار فناء، لا دار خلود، ودارا لزراعة العمل الصالح، لا للانشغال عنه بما وضع فيها
من متاع وزينة.
بناء
على هذا كله، فإن تلك المواقف تبرز في الآخرة بأنواع التواصل والانقطاع مع هذه
الحياة، فالنصوص المقدسة تشير، بل تؤكد على أن الزاهدين في الدنيا، الراغبين في
الله، لن تنقطع صلتهم بالحياة الدنيا، ولا بأهلها، ولا بالتأثير فيها، بأي وجه من
وجوه التأثير.
بخلاف
أولئك الذين استغرقوا في الحياة الدنيا، واطمأنوا لها، وتصوروا أنهم