وقد
أورد فيها بالإضافة إلى النصوص المقدسة، وما يؤديها من الروايات والأخبار، الكثير
من الأدلة العقلية، إما منفصلة أو كإجابة على الإشكالات المطروحة.
ومن
ردوده فيها ما نقله عن ابن سينا من قوله: (كلّ ما قرع سمعك من الغرائب فذره في
بقعة الإمكان ما لم يردك عنه قائم البرهان)، وقد علق عليه بقوله: (وتجسيم الأعراض
وإن كان من الغرائب إلّا أنّه لم يرد عنه قائم البرهان، فهو في بقعة الإمكان، فقد تقرّر
أنّ قدرة الله القادر صالحة لإيجاد كلّ ممكن، وأنّ نسبة الكائنات بأسرها إلى قدرته
سبحانه نسبة واحدة، ففي الحقيقة لا غرابة فيه فضلا عن الامتناع، فلمّا كان ممكنا
وأخبر به الصادق ـ على ما في كثير من الآيات والروايات الواردة ـ وجب الإيمان به،
والتصديق بصدقه، وترك تأويل ما دلّ ظاهرا على جوازه بل وقوعه، فان تأويل الظاهر
إنّما يجوز إذا دلّ على خلافه القاطع، وهنا ليس كذلك) [2]
وهكذا
نقل عمن أطلق عليهم محققي الحكماء، بعض النصوص في ذلك، باعتبار أنه لو كان غير
مقبول عقلا ما قبله الكثير من الحكماء، ومن تلك النصوص ما نقله عن فيثاغورس من
قوله: (اعلم أنّك ستعارض بأفكارك وأقوالك وأفعالك، وسيظهر من كلّ حركة فكريّة أو
قوليّة أو فعليّة صور روحانيّة وجسمانيّة، فإن كانت الحركة غضبيّة شهويّة صارت
مادّة شيطان يؤذيك في حياتك، ويحجبك عن ملاقاة النور بعد وفاتك. وإن كانت الحركة
عقليّة صارت ملكا تلتذّ بمنادمته في دنياك، وتهتدي بنوره في أخراك إلى جوار الله
وكرامته. وأمثال هذا ممّا يدلّ على تجسّد الأعمال في كلامه كثيرة)[3]