responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : هكذا تكلم لقمان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 26

ومطالبها، فمطالب نفسك لا تنتهي، وقد قال رسول الله a: (لو كان لابن آدم واديان من مال، لابتغى لهما ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب)[1]

ولهذا فإن أول ما تسد به تلك المطالب الدنية هي الترفع للمراقي العالية، التي تجعلك تنظر بسخرية لأولئك الذين يقضون أعمارهم في ملء دلاء أنفسهم المثقوبة، والتي لن تملأها بحار الدنيا.

يا بني .. هل تتصور أن أولئك السحرة الذين آثروا الصلبان على عزة فرعون كانوا ينظرون إلى أنفسهم؟

كلا فلو فعلوا ذلك، لما قالوا لفرعون بتلك العزة الإيمانية: {لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } [طه: 72، 73]

لقد قالوها بكل عزة، وفي مواجهة أكبر طاغوت، لأنهم حينها لم ينظروا إلى نفوسهم وضعفها وشهواتها وقصورها، وإنما كانوا ينظرون لمن هو خير وأبقى، فلذلك استطاعوا أن يتحولوا إلى بركان ثائر، هز أركان الطاغوت.

لذلك لم يكن النظر إلى النفس حجابا عن الحقيقة فقط، بل كان أيضا حجابا عن القيم العظيمة المرتبطة بها..

فالتضحية والإيثار هي أول المطالب التي تطالبك بها القيم.. ولا يمكن لمن يرى نفسه، ويعجب بها، ويدعو لها، ويدافع عنها، أن يقدم أي تضحية، أو أي إيثار، وكيف يفعل ذلك، وهو لا يتقدم ولا يتأخر إلا تنفيذا لمطالبها، ورضوخا لأهوائها.


[1]صحيح البخاري 8/92 ح(6436)، مسلم (1808).

اسم الکتاب : هكذا تكلم لقمان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست