responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : هكذا تكلم لقمان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 167

والأرض الذليلة نحتاج إليها في الزراعة.. فلولا ذلها ما قبلت الزرع، ولا أنبتته.

ولهذا ذكر الله تعالى أن من نعمه على خلقه تذليل ما يحتاجونه من مرافق لييسر لهم التعامل معها، فقد قال تعالى عن الأنعام، وتذليلها في مصلحة الإنسان: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ} [يس: 71 - 73]

فهذه الآيات الكريمة تشير إلى أن الله تعالى كان قادرا على أن يجعل كل الحيوانات صاحبة عزة وأنفة كالأسود والنمور وغيرها من الحيوانات المتوحشة، لكنه رحم عباده بتلك الحيوانات الأليفة الذليلة لهم، ليتمكنوا من الاستفادة منها.

وهكذا وصف الله تعالى فاكهة الجنة ونعيمها بتذليله لأهلها ، فقال: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} [الإنسان: 14]، وهذا يعني أن توفر النعمة وحدها لا يكفي، ما لم تكن مذللة ميسرة يمكن الحصول عليها.

ولهذا فإن الله تعالى عندما أمر الأبناء بمقابلة رحمة الوالدين وتضحيتهما بالذل، كان يقصد هذا المعنى، فقد قال تعالى: { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } [الإسراء: 24]

ذلك أن الوالدين لا يمكن أن يربيا أو يوجها أو يعطيا ثمرة تجاربهما للأولاد إلا بعد أن يكون فيهم من اليسر والسهولة والتواضع والاستكانة ما يتمكنون به من ذلك.. ولذلك كان الذل لهما في محله الصحيح.. فهم لا يستثمرون تلك الذلة إلا في مصلحة الأولاد، بحكم الفطرة التي فطروا عليها.

وهكذا كانت الذلة للمعلم والأستاذ والمربي، في محلها الصحيح، لأنها تعطيه الفرصة لأن يلقي ثمرة علومه لتلميذه، وقد أشار إلى ذلك ابن عباس، فقال:

اسم الکتاب : هكذا تكلم لقمان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست