اسم الکتاب : هكذا تكلم لقمان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 135
الحداثه
ذكرت لي بني ـ متأسفا ـ الحداثة والحداثيين، وتلاعبهم
بحقائق الدين وشعائره، وأن منهم من راح يعيد قراءة القرآن الكريم وفهمه بعيدا عن
كل أصول الفهم وفروعه التي يقتضيها ظاهر لغته، وما فهمه العرب سلفهم وخلفهم منه
على ضوئها.
وذكرت لي أنهم
يستعملون لذلك مناهج كثيرة، تنطلق من نزع القداسة عن المقدس، ثم النصوص عن
أصحابها، وظاهر ما أرادوه منها، ليتيحوا لأنفسهم الفهم المتناسب مع عقولهم
وأهوائهم وبيئاتهم ومدارسهم.
وذكرت لي أنهم
لا يحملون في قلوبهم، ولا في ألسنتهم أي تقديس لرسول الله a،
بل إنهم في أحسن أحوالهم يعتبرونه مجرد مبلغ أدى ما عليه، وأنهم لا يحتاجون لفهم
كتاب الله مطابقته لفهمه a، لأنه في تصورهم لا يعدو أن يكون ابن بيئته،
يعبر عنها، وعن علومها وثقافتها، ولا يعبر بلسان النبوة الممتد عبر الأزمنة
والأمكنة.
وذكرت لي أن
أسوأهم حالا من راح يمتهن النبوة، أو يصور أنها مجرد عبقرية، أنتجت منتوجا أدبيا
وثقافيا وفلسفيا.. وأنه كما تخضع تلك المنتوجات لكير النقد العلمي، فمثلها ذلك المنتوج
المقدس.
وذكرت لي أمثلة
ونماذج كثيرة عن ذلك، تجعل من القرآن الكريم حروفا لا معنى لها في ذاتها، وإنما هي
أسيرة لدى ذلك الذي يحسب نفسه صاحب مشروع فكري، يتيح له أن يفسر الدين من خلال
تفسيره للقرآن، فيقبل ما يشاء منه، ويرفض ما يشاء.
وذكرت لي أن
أخطر ما قام به هؤلاء الذين أتيحت لهم كل المنابر الإعلامية ذلك التزهيد في كل
الفهوم، بل السخرية منها، وإتاحة الفرصة للعقل، بل للهوى ليفهم من القرآن الكريم
ما شاء، ومن النبوة ما شاء.. وبجرة قلم، يمحو كل ما لا يريده، ويثبت كل ما يريده.
اسم الکتاب : هكذا تكلم لقمان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 135