وفي الخلق من
يقولها لمجرد التعرف والتعريف، ويستعملها كما يستعمل جميع الضمائر منفصلة ومتصلة
لا يشعر بالتغاير بينها، ولا يعتقد أن أنا أفضل من أنت، أو أنا خير من هو أو هم.
وفي الخلق من
يستعملها كأداة يمحو بها غيره، ويخضع بها رقاب غيره، يقولها ملء فيه، ويتصور أنها
كافيه بمجرد نطقه بها أن يسجد لها الخلق، وأن يسمعوا ويطيعوا، أو يسبحوا ويكبروا.
الأول يشعر أنه جزء
من كل، وفرد في مجموع، وواحد من عدد ضخم يتشكل منه بنيان الكون، أما الثاني فيعتقد
أنه هو الكل، وغيره فروع لخدمته، وأنه هو المجموع وغيره شتات يتوحدون فيه، وأنه هو
الواحد وغيره أصفار عن يساره و يمينه يتشكل منه عدده.
الأول يرى نفسه
وغيره، ويسمع الأصوات جميعا، وبكل موجاتها، وينمحي في الآخرين كما ينمحون فيه،
ويحبهم ويتفاعل في حياته معهم، أما الثاني فلا يرى إلا نفسه، ولا يسمع إلا حسه
أومن ضبطت موجاته بحسب ترددات حسه، ولا يعرف الصفر وجوده لأن الصفر غيره.
الأول إذا مشى لم
تشعر به الأرض، ولم يتحرك له النسيم، ولم تهرب الطيور من أوكارها ولا النمل إلى
قراها ولم تهتز صفحة الماء وهو يطالعها