الأزياء الحديثة
في استغلاله، فتففنوا في تعرية الجسد أكثر مما تفننوا في ستره، والقرآن الكريم في
إشاراته المطلقة التي تتحدى حجاب الزمن يخبرنا عن دعاة العري المحدثين الذين يدعون
إلى العري بكل الوسائل، ويطبقونه في جميع المستويات، ويكادون يفرضونه على العقول
فرضا لينزعوا تلك الغلالة الرقيقة من الحياء التي لا زالت تكسو وجوه الناس، ويبين
أن مصدر ذلك ليس طبيعة بشرية وإنما هي فكر شيطاني غريب عن طبيعة الإنسان، قال
تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ
لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ
يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ
هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ
أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ (لأعراف:27)
والدليل على غرابة
التعري على طبيعة الإنسان وأنه إيحاء شيطاني لم يكن الإنسان لينتبه له لولا تلك
الوساوس الشيطانية هو أن آدم عليه السلام وزوجه سارعا إلى ستر عورتهما بورق الجنة
مع أنه لم يكن معهما من البشر سواهما، وهما يمثلان الفطرة النقية التي يحاول
الشيطان أن يخرج منها الإنسان، قال تعالى: ﴿ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ
بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ
الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا
الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾(الأعراف:22)، بل إن الآية تشير إلى أن كشف
العورة أول عقوبة عجلت للإنسان لمخالفته الأمر الإلهي.
وفكر التعري هو
نفس الفكر الذي يدعو إلى تغيير خلق الله، والذي يتجلى