رءوس الأشهاد
هذا فلان بن فلان رضى الله عنه وأرضاه وقد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، أفترى أن
هذا المنصب ليس بأعظم من المكانة التى تنالها فى قلوب الخلق فى الدنيا بريائك
ومداهنتك وتصنعك وتزينك، فإن كنت تعلم أنه خير منه، بل لانسبة له إليه فتوسل إلى
إدراك هذه الرتبة بالإخلاص الصافى والنية الصادقة فى معاملتك مع الله فلن تدرك ذلك
إلا به.
وإن تكن
الأخرى، والعياذ بالله، بأن خرج من صحيفتك جريمة كنت تحسبها هينة وهى عند الله
عظيمة فمقتك لأجلها فقال: (عليك لعنتى يا عبد السوء، لا أتقبل منك عبادتك)، فلا
تسمع هذا النداء إلا ويسود وجهك، ثم تغضب الملائكة لغضب الله تعالى، فيقولون: (وعليك
لعنتنا ولعنة الخلائق أجمعين)، وعند ذلك تنثال إليك الزبانية وقد غضبت لغضب خالقها،
فأقدمت عليك بفظاظتها وزعارتها وصورها المنكرة، فأخذوا بناصيتك يسحبونك على وجهك
على ملأ الخلق وهم ينظرون إلى اسوداد وجهك وإلى ظهور خزيك، وأنت تنادى بالويل
والثبور، وهم يقولون لك: (لا تدع اليوم ثبورا واحدا وادع ثبورا كثيرا)، وتنادى
الملائكة ويقولون: (هذا فلان بن فلان كشف الله عن فضائحه ومخازيه ولعنه بقبائح
مساويه، فشقى شقاوة لا يسعد بعدها أبدا وربما يكون ذلك بذنب أذنبته خفية من عباد
الله أو طلبا للمكانة فى قلوبهم أو خوفا من الافتضاح عندهم)
فما أعظم
جهلك إذ تحترز عن الافتضاح عند طائفة يسيرة من عباد الله في الدنيا المنقرضة، ثم
لا تخشى من الافتضاح العظيم فى ذلك الملأ العظيم مع التعرض لسخط الله وعقابه
الأليم والسياق بأيدى الزبانية إلى سواء الجحيم.
^^^
ما إن وصل
الماوردي من حديثه إلى هذا الموضع حتى ارتمى جميع أصحابي من أهل السوق على الأرض
يبكون ويصرخون.. فالتفت إلينا الماوردي، وقال: مرحبا بكم..