مشاقص[1] فكأنّي أنظر إلى
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يختله[2] ليطعنه)[3]
قال رجل منا:
لقد كنا نرى أمر البصر هين، فكيف ضيقته علينا كل هذا التضييق؟
ابتسم ابن
حزم، وقال: أتدري مم أتي المجنون؟
قال الرجل:
أتقصد مجنون ليلى؟
قال ابن حزم:
أجل.
قال الرجل:
لا شك أن لبصره دورا في ذلك.. فلولا أنه أرسل طرفه ما أصابه الجنون.
قال ابن حزم:
فقد أجبت عن سؤالي.. النّظر يولّد المحبّة فتبدأ علاقة يتعلّق بها القلب بالمنظور
إليه، ثمّ تقوى فتصير صبابة ينصبّ إليه القلب بكلّيّته، ثمّ تقوى فتصير غراما يلزم
القلب كلزوم الغريم الّذي لا يفارق غريمه، ثمّ تقوى فيصير عشقا وهو الحبّ المفرط،
ثمّ يقوى فيصير شغفا وهو الحبّ الّذي قد وصل إلى شغاف القلب وداخله، ثمّ يقوى
فيصير تتيّما وهو التّعبّد فيصير القلب عبدا لمن لا يصلح أن يكون هو عبدا له، وهذا
كلّه جناية النّظر فحينئذ يصير القلب أسيرا بعد أن كان ملكا، ومسجونا بعد أن كان
مطلقا، فيتظلّم من الطّرف ويشكوه، والطّرف يقول: (أنا رائدك ورسولك وأنت بعثتني)[4]
حفظ العرض:
قلنا: عرفنا
الباب الثاني.. فحدثنا عن الثالث.. حدثنا عن حفظ العرض.
قال: لم تكتف
الشريعة الحكيمة بأن تحفظ أبصار المؤمنين عن المناظر التي قد تجرهم إلى الفحشاء،
بل راحت تغرس الغيرة في نفوس جميع أبناء المجتمع ليحموا