responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 74

وأنه لا يصيب الفرد منهم إلا ما كتب الله له، وليس معنى ذلك أنهم يتواكلون، أو يقفون في وجه الكارثة مكتوفي الأيدي، كلا، ودعني أضرب مثلاً لما أعنيه:

هبت ذات يوم عاصفة عاتية، حملت رمال الصحراء، وعبرت بها البحر الأبيض المتوسط، ورمت بها وادي الرون في فرنسا، وكانت العاصفة حارة شديدة الحرارة، حتى أحسست كأن شعر رأسي ينتزع من منابته، لفرط وطأة الحر، وأحسست من فرط القيظ كأنني مدفوع إلى الجنون، ولكن العرب لم يشكوا إطلاقا، فقد هزوا أكتافهم، وقالوا كلمتهم المأثورة: (قضاء مكتوب)، ولكنهم ما إن مرت العاصفة حتى اندفعوا إلى العمل بنشاط كبير، فذبحوا صغار الخراف قبل أن يودي القيظ بحياتها، ثم ساقوا الماشية إلى الجنوب نحو الماء، فعلوا هذا كله في صمت وهدوء دون أن تبدو من أحدهم شكوى.. بل قال رئيس القبيلة:لم نفقد الشيء الكثير، فقد كنا خلقاء بأن نفقد كل شيء، ولكن حمداً لله وشكراً، فإن لدينا نحو أربعين في المائة من ماشيتنا، وفي استطاعتنا أن نبدأ بها عملنا من جديد)

إرادة الهادي المضل:

من أسماء الله تعالى ( الهادي المضل)، ومن مقتضيات هذين الاسمين أن كل ما يقع في الكون من ألوان الهداية أو الإضلال فبمشيئة الله، فالله تعالى ( هو الذي هدى خواص عباده أولا إلى معرفة ذاته حتى استشهدوا بها على الأشياء، وهدى عوام عباده إلى مخلوقاته حتى استشهدوا بها على ذاته، وهدى كل مخلوق إلى ما لا بد له منه في قضاء حاجاته)[1]

والله تعالى كذلك هو المضل الذي وضع جميع الأسباب التي يهتدي بها الموقنون ويضل بها الغافلون، قال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (الأنعام:39)


[1] المقصد الأسنى: 146.

اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست