ومثل ذلك ما ورد من
أنهم لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، كما قال تعالى:﴿ إِنَّ
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ
أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي
سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ﴾ (لأعراف:40)
وبذلك لا نقول
بفناء النار، بل إنها كسائر خلق الله لم يرد في النصوص ما يدل على فنائها.
بل ولا نقول بفناء
العذاب، وإنما نقول بأن الله تعالى برحمته قد يحيل العذاب عليهم نعيما مقيما قد لا
يقل عن نعيم أهل الجنة.
وقد نستغرب هذا، أو
نضحك منه، ولكن التخلص من قيود الطبع يدل على أن العبرة في الأشياء لا بالأشياء
وإنما بالذائقين لها، فقد يكون الطعام مرا ممقوتا عند البعض، وهو أكلة شهية عند
آخرين، بل إن هناك ممن شذت نفسه فاستعذب العذاب واستحلى القسوة وصار ذلك طبعا فيه
لا ينفك عنه، فتكون رحمة هؤلاء في توفير ما تستلزمه طبائعهم.
والجمع بين هذا
القول وما ورد في الخلود قد يخفف الكثير من الطعون التي ووجه بها القائلون بفناء
النار، مع أن الأمر في الأخير يرجع إلى مشيئة الله التي لا يحدها شيء، كما قال ابن
عباس في تفسير قوله تعالى:﴿ خَالِدِينَ
فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ
اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 597