responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 582

ثم إنه تعالى أخبر أن رحمته وسعت كل شيء، كما قال تعالى:﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً﴾ (غافر: 7)، وقال تعالى:﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ (لأعراف: 156)

وهذه الرحمة الواسعة التي شملت كل شيء لا يستحيل أن تشمل هؤلاء المعذبين بعد انقضاء فترة طويلة على حسب ما يوجبه العدل والحكمة، وقد ورد في الحديث عن جندب بن عبد اللّه البجلي قال: جاء أعرابي فأناخ راحلته، ثم عقلها ثم صلى خلف رسول اللّه a فلما صلى رسول a أتى راحلته، فأطلق عقالها، ثم ركبها، ثم نادى:( اللهم ارحمني ومحمداً ولا تشرك في رحمتنا أحداً)، فقال رسول اللّه a:( أتقولون هذا أضل أم بعيره، ألم تسمعوا ما قال؟)، قالوا:( بلى)، قال:( لقد حظرت رحمة واسعة، إن اللّه عزَّ وجلَّ خلق مائة رحمة، فأنزل رحمة يتعاطف بها الخلق جنها وإنسها وبهائمها، وأخرّ عنده تسعاً وتسعين رحمة، أتقولون هو أضل أم بعيره؟)[1]

قد يقال هنا: إن الله تعالى أخبر بعد ذكره سعة رحمته أنه يكتبها للمؤمنين الذين ذكر مواصفاتهم في قوله تعالى عقب ذكر سعة رحمته:﴿ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾ (لأعراف: 156)، وهي بذلك رحمة خاصة بالمؤمنين لا تتسع لغيرهم.

والجواب عن هذا: إن الرحمة المكتوبة في هذه الآية هي الرحمة الخالصة، فلذلك يدخل هؤلاء المستظلون بظل هذه الرحمة إلى الجنة مباشرة من غير عقاب، أما الرحمة المقترنة بعدل أو بحكمة، فلم تنفها الآية عن غيرهم، بدليل ما تواتر من النصوص من دخول من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان الجنة مع كونه ليس منصوصا عليه في


[1] رواه أحمد وأبو داود.

اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 582
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست