responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 518

ونعود إلى ما كنا فيه فنقول: بأن هذا المقام المحمود يتناسب تناسبا تاما مع طبيعة رسول الله a، فلذلك كان من رحمة الله له أن يهبه هذا المقام.

فطبيعة رسول الله a كما أخبر القرآن الكريم، وكما أخبرت حوادث السيرة، وكما عرفه العارفون عين من عيون رحمة الله على عباده، بل هو رحمةكبرى من رحمات الله، بل هو شمس الرحمة التي تفيئ إلى دفئها جميع الخلائق.

ولهذا ورد في القرآن الكريم الإخبار بأن الرحمة هي علة إرسالة، كما قال تعالى:﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ (الانبياء:107) بل إن الله تعالى سماه باسمين من أسماء رحمته، فقال تعالى:﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (التوبة:128)

وفي هذه الآية تصريح عظيم بما كانت عليه طبيعة رسول الله a من حب للخير والرحمة على كل الخلائق، ولهذا قال a:( إن اللّه لم يحرم حرمة إلا وقد علم أنه سيطلعها منكم مطلع، ألا وإني آخذ بحجزكم أن تهافتوا في النار كتهافت الفراش والذباب) [1]

وبناء على هذا كانت الرحمة الخاصة برسول الله a مرتبطة بهذه الطبيعة، فكان المقام المحمود الذي هو جزء من أجزاء فضل الله عليه متناسبا تماما مع رحمته وحرصه.

وهكذا يقال في الكوثر، فرسول الله a لا يصيبه الظمأ الذي يصيب الخلائق، وهم في ذلك الموقف الشديد، وكيف يصيبه وهو رسول الله a، ولكن طبيعته التي خلقه الله عليها جعلته يأبى أن يروي في الوقت الذي يعطش فيه المؤمنون، فكان الكوثر جزاءا متوافقا تماما مع هذه الطبيعة.


[1] رواه أحمد والطبراني في الكبير.

اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 518
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست