responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 501

العلل المختلفة من الفقر والمرض مذكرات له بما خفي عليك من الفاقة الذاتية، فإن غالب الناس يغفلون عن الفاقة الذاتية إذا دامت عليهم صحة أبدانهم وكثرة أموالهم.

ولهذا قيل: إن السبب الذي حمل فرعون على قوله: ﴿أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى﴾ (النازعات:24) طول العافية والغنى، فإنه لبث أربعمائة سنة لم يتصدع رأسه، ولم يضرب عليه عرق، ولو أخذته الشقيقة ساعة واحدة لشغله ذلك عن دعوى الربوبية.

وأخبر a أن الرجل يكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها، وبأن عظم الجزاء مع عظم البلاء إذا أحب الله قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع، وأن من يرد الله به خيرا يصب منه[1].

ولكن هذا لا يعني ترفع الولي على ربه، أوعدم رفع يديه إليه بالسؤال، أو عدم الالتجاء إلى عالم الحكمة الربانية، ومداواة العلل بماوضعه الخالق الحكيم من علاج، فلامنافاة بين الانشغال بالله وممارسة الأسباب، ودفع الأقدار بالأقدار.

ولهذا قص القرآن الكريم علينا نموذج الراضي بالله، المنشغل به أيوب u، وهو ينادي ربه:) وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (الانبياء:83) وهو أدب رفيع في الدعاء، اقتصر فيه أيوب u على ذكر ضعفه، وكمال ربه، فعالج ضره برحمة ربه.

مزيج الأبرياء

قد يقال بعد هذا: نعم إن المزيج الذي مزجت به هذه الآلام هو نتيجة حتمية لأفعال المكلفين، أو لها علاقة بتهذيبهم، أو لها علاقة برفع درجاتهم وتقريبهم من ربهم وتعريفهم به، لكن ما القول في الآلام المحضة التي يعاني مرارتها الذين لم يمنحهم


[1] ذكرنا تخريج هذه الأحاديث ونصوصها في الفصل الأول من هذه الرسالة.

اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 501
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست