اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 496
والقلق المستمر،
حتى اصبحت تلك الحديقة الزاهية الشبيهة بالجنة جحيماً لا يطاق. اذ يتألم لكل شئ
يعجز عن ادارته، فيقضي وقته بالآهات والحسرات. واخيراً يُلقى به في السجن عقاباً
وتأديباً له لسوء تصرفه وادبه.
أما الشخص الثاني
فانه يعرف السلطان، ويعدّ نفسه ضيفاً عليه، ويعتقد ان جميع الاعمال في القصر
والحديقة تدار بسهولة تامة.. بنظام وقانون وعلى وفق برنامج ومخطط، فيلقى الصعوبات
والتــكاليـف الى قانون السلــطان، مســتفيداً بانــشــراح تام وصفاء كامـل من
متــع تلــك الحديــقة الـزاهــرة كالجـنــة، ويــرى كــل شـــئ جميلاً حقاً،
استناداً الى عطف السلطان ورحمته، واعتماداً على جمال قوانينه الادارية.. فيقضي
حياته في لذة كاملة وسعادة تامة [1].
الجواب
الثاني:
ونوضحه بهذا المثال
الذي ضربه الشبلي في حالة من أحواله الوجدانية، فقد دخل عليه جماعة في مارستان قد
حبس فيه، وقد جمع بـين يديه حجارة، فقال: من أنتم؟ فقالوا: محبوك، فأقبل عليهم
يرميهم بالحجارة فتهاربوا فقال: ما بالكم ادعيتم محبتي إن صدقتم فاصبروا على
بلائي.
وهذا المعنى هو
عينه ما يدل عليه قوله تعالى:﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا
آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ (العنكبوت:2)، فقد أخبر تعالى أن من مقتضيات ادعاء الإيمان الابتلاء حتى
يعلم الصادق من الكاذب، ومن يؤثر الله، ومن يؤثر هواه.
ولذلك أخبر تعالى
عن الكثير من البلاء الذي أصاب المؤمنين، كما قال تعالى في غزوة الأحزاب:﴿إِذْ
جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ
وَبَلَغَتِ