اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 292
أي أنه يجوز أن
يعمهم الله تعالى جميعا برحمته، ويجوز أن يدخل بعضهم الجنة وبعضهم النار، فكلها
جائزة بالنسبة إلى الله تعالى وإنما يترجح بعضها على بعض بمجرد المشيئة.
وهو بذلك يرى
التوقف في أمرهم، فلا يحكم لهم بجنة ولا نار، وقد يعبر عن هذا القول بمذهب الوقف،
وقد يعبر عنه بمذهب المشيئة، وأنهم تحت مشيئة الله يحكم فيهم بما يشاء، ولا يدرى
حكمه فيهم ما هو.
ومما استدل به على
هذا القول قوله a:( ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه
وينصرانه كما تنتج البهيمة من بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء قالوا يا رسول
الله أفرأيت من يموت وهو صغير قال الله أعلم بما كانوا عاملين) [1]
عن ابن عباس أن
النبي a سئل عن أولاد المشركين، فقال:( الله أعلم بما كانوا
عاملين) [2]
وهذا القول يتنافى مع
ما ذكرنا سابقا من أن الله تعالى لا يحاكم عباده إلى علمه فيهم، بل يحاكمهم إلى
أعمالهم، بل يضيف إلى ذلك الشهود إقامة للحجة عليهم.
فكيف يقبل العقل أن يعامل
الله أولئك بهذه المعاملة، ويعامل غيرهم معاملة أخرى، مع أن عدالة الله تسوي بين
الخلق جميعا؟
ومنشأ هذا القول هو
الفهم الخاطئ لجوابه a حين سئل عنهم، فقال:(
الله أعلم بما كانوا عاملين)[3]