اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 191
الإشارة لا بحسب هيجان شهوة
النفس. والشهوة مثالها مثال الفرس الذي يركب في طلب الصيد فإنه تارة يكون مروّضاً
مؤدّباً وتارة يكون جموحاً، فمن استوت فيه هذه الخصال واعتدلت فهو حسن الخلق
مطلقاً. ومن اعتدل فيه بعضها دون البعض فهو حسن الخلق بالإضافة إلى ذلك المعنى
خاصة كالذي يحسن بعض أجزاء وجهه دون بعض)[1]
ولذلك، فإن هذا الأصل
هو الضابط لسائر الأوصاف والقوى الإنسانية، بل هو الأصل في اعتبارها أخلاقا، فـ (حسن
القوّة الغضبية واعتدالها يعبر عنه بالشجاعة، وحسن قوّة الشهوة واعتدالها يعبر عنه
بالعفة، فإن مالت قوّة الغضب عن الاعتدال إلى طرف الزيادة تسمى تهوّراً، وإن مالت
إلى الضعف والنقصان تسمى جبناً وخوراً. وإن مالت قوّة الشهوة إلى طرف الزيادة تسمى
شرهاً، وإن مالت إلى النقصان تسمى جموداً، والمحمود هو الوسط وهو الفضيلة،
والطرفان رذيلتان مذمومتان، والعدل إذا فات فليس له طرفا زيادة ونقصان بل له ضدّ
واحد ومقابل وهو الجور، وأما الحكمة فيسمى إفراطها عند الاستعمال في الأغراض
الفاسدة خبثاً وجربزة، ويسمى تفريطها بلهاً، والوسط هو الذي يختص باسم الحكمة)
وانطلاقا من هذه الأصول
النظرية يبني المؤمن حياته على رعاية موازين العدل التي لا يمكن أن يتحقق
بالاستقامة بدونها.
والقرآن الكريم يذكر
التفريعات الكثيرة في هذا الباب.. يل يحث عليها بكل صنوف الحث:
ففي العدل مع اليتامى
الذي يصرف عن استغلالهم أو الإساءة إليهم يقول تعالى:﴿ وَيَسْتَفْتُونَكَ
فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي
الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ
لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ
الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى