responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 190

إلى التطبيقات العملية ـ يذكر نماذج عملية كثيرة يتحقق فيها العدل:

تبدأ بالخلافة التي هي حكم الرعية.. فالخليفة هو الذي يتخلق بوصف العدالة، ولا يجره الهوى إلى الجور، قال تعالى مخاطبا داود u:﴿ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ (صّ:26)

والله تعالى يأمر نبيه a باعتباره الولي الأول لأمر المؤمنين بأن يحكم بالعدل.. لا الرعية البسيطة المطيعة.. وإنما السماعين للكذب الأكالين للسحت، قال تعالى:﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (المائدة:42)

وفي هذه الآية رد بليغ على أولئك الذين يريدون فرض شريعة الاستبداد، ويجدون من بائعي دينهم من يفتيهم بذلك بحجة أن من الرعية من لا يفيدهم إلا سيف الحجاج.

والعدل ليس قاصرا على هذا.. وليس قاصرا على هؤلاء..

إنه يشمل الكل.. فالمؤمن الباحث عن الكمال الإنساني لن يصل إليه إلا بتحقيق العدل في كل الشؤون.. فالأخلاق الإسلامية كلها تقوم على العدل، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى:﴿ وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً﴾ (الاسراء:29)، فالله تعالى يأمرنا في هذه الآية بالتوسط الذي يقتضيه العدل.

وعلى ضوء هذه الآية وغيرها اعتبر علماء الأخلاق المسلمين العدل من أمهات أصول الأخلاق.. بل لا يمكن أن يتحقق أي تصرف بوصف الحسن ما لم يكس بوصف العدل.

يقول الغزالي ـ مبينا علاقة العدل بالأخلاق ـ:( فالعقل مثاله مثال الناصح المشير. وقوة العدل هي القدرة، ومثالها مثال المنفذ الممضي لإشارة العقل. والغضب هو الذي تنفذ فيه الإشارة، ومثاله مثال كلب الصيد فإنه يحتاج إلى أن يؤدب حتى يكون استرساله وتوقفه بحسب

اسم الکتاب : أسرار الأقدار المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 190
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست