وكما
تبكي الأرض والسماء على المؤمن، تستبشر به، وقد قال أنس:( لما كان اليوم الذي دخل
فيه النبي a المدينة أضاء كل شيء، فلما كان اليوم الذي قبض فيه أظلم كل شيء، وإنا
لفي دفنه ما نفضنا الأيدي منه حتى أنكرنا قلوبنا)[1]
ولهذا
لا يصح اعتبار المسلم غريبا ما دام محاطا بكل هذه المشاعر الفياضة التي تتدفق من
حوله، قال a:( إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء يوم
القيامة قيل: من هم يا رسول الله؟ قال - هم الذين إذا فسد الناس صلحوا - ثم قال -
ألا لا غربة على مؤمن، وما مات مؤمن في غربة غائبا عنه بواكيه إلا بكت عليه السماء
والأرض) ثم قرأ رسول الله a قوله تعالى:﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا
مُنْظَرِينَ ﴾، ثم قال:( ألا إنهما لا يبكيان على الكافر)[2]
وكما
أن المؤمن يعيش بصحبة هذه المشاعر الفياضة التي تفيض عليه من الكون، فإن الكافر
والغافل بعكس ذلك، فقد أخبر a أن البلاد والشجر والدواب تستريح من أذى العبد الفاجر، فقد روي أن
جنازة مرت على رسول الله a فقال:( مستريح ومستراح منه) قالوا:( يا رسول الله ما المستريح
والمستراح منه) قال:( العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله،
والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب)[3]