بعد
أن يمحى الكون اللاموجود ـ المؤسس على الوهم ـ في ذهن العارف ووجدانه، ثم يعود من
جديد بخلعة أخرى، هي خلعة الانتساب لله، فيعود له البقاء باسم الله، يتحول إلى
كتاب يقرؤه العارف ليرى من خلاله صفات ربه وكمالاته.
فالكون
المقروء هو المرحلة الثالثة من علاقة العارفين بالكون، أو هو المرحلة الأولى
للعرفان.
فالعارف
هو الذي لديه القدرة على حل رموز الكون، أو هو الخبير الذي لديه المفاتيح التي يفك
بها الشيفرة التي يختزنها الكون، أو هو صاحب البصيرة الذي يرى ما يخبأ بين سطور
الكون.
ولهذا
كان أول ما أمر به رسول الله a، بل ما أمرت به أمته ـ كما يشير العارفون ـ هو أن تعاد قراءة الكون
باسم الله، كما قال تعالى:﴿
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ (العلق:1)، فالآية
تحتمل من حيث الإشارة أن يكون اسم الموصول مفعولا به، ويصير المعنى حينئذ ( اقرأ
باسم ربك الأشياء التي خلقها)
والقرآن
الكريم مليئ بهذا المعنى مما قد لا يحوجنا إلى هذا المعنى الإشاري الذي يفهمه
العارفون، بل فيه الدلالة على كيفية قراءة الكون باسم الله.
فالله
تعالى
يأمرنا بقراء الرحمة الإلهية من خلال حياة الأرض بعد موتها، قال تعالى:﴿ فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ
بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ (الروم: 50)
ويأمرنا
بالاستبشار تفاؤلا بفضل الله، وفرحا بالله، وتنسما لرحمة الله عند