تريد
أن تلدغك).. فابتعد الرجل مسرعا.. وانطلت الحيلة عليه.. وعرف أن إدركه سليم بسبب
احترازه.
وهذا
الدليل نستطيع أن نفهم منه قوله تعالى:﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ
عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا
وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾
(الأحزاب:72)، فالحياة العاقلة المدركة للعواقب هي التي منعت هذا الكون من قبول
أمانة التكليف.
ولولا
ما في الكون من طاقة الإدراك والاختيار ما عرض عليه هذا العرض الخطير، ولولاها ما
أجاب هذه الإجابة الواعية.
ومع
صراحة النصوص الدالة على هذا المعنى نجد بعض المفسرين يجنح بها إلى التأويل الذي
لا يحتاج إليه، فقد ذهب بعضهم ـ كما يذكر القرطبي وغيره ـ إلى أن العرض في هذه
الآية ضرب مثل، (أي أن السموات والأرض على كبر أجرامها، لو كانت بحيث يجوز تكليفها
لثقل عليها تقلد الشرائع، لما فيها من الثواب والعقاب، أي أن التكليف أمر حقه أن
تعجز عنه السموات والأرض والجبال، وقد كلفه الإنسان وهو ظلوم جهول لو عقل)[1]
وقال
قوم: إن الآية من المجاز، أي إنا إذا قايسنا ثقل الأمانة بقوة السموات والأرض
والجبال، رأينا أنها لا تطيقها، وأنها لو تكلمت لأبت وأشفقت.
وهذا
التأويل البعيد للآية تغليب للعقل المحدود على الوحي المطلق، وهو