عن
أبي جعفر قال:( تدرون ما تقول العصافير قبل طلوع الفجر تسبح ربها وتسأل قوت يومها)
وعن
عبد الحميد بن يوسف قال:( تسبيح الضفادع:( سبحان المعبود بكل مكان، سبحان المحمود
بكل مكان، سبحان المذكور بكل لسان)
***
وهذا
التسبيح والعبودية التي تمارسها الكائنات بحب وشغف يكشف الله بعض وجوهها وأسرارها
لمن شفت سرائرهم، وتطهرت قلوبهم، لتكون أنيسا لهم في ذكرهم.
ولا
غرابة عقلية في هذا، فإن كل من توجه وجهة فتح له في تلك الوجهة، كالمرآة ينعكس
فيها ما يقابلها.
فالموجه
للتجارة يفتح له فيها بحسب توجهه، والمتوجه للعلوم المادية يفتح له فيها بحسب جده
وانشغاله بها، والمتوجه لعوالم الروح بالمكابدات والتأملات ينفتح له من نوافذ هذا
العوالم ما يرى به العجائب.
ولا
يحق لمن لم يرزق مثل هذا أن ينكر على من رزقه، وإلا كان ظالما، ولهذا يجيب
الصالحون على من ينكر عليهم قائلين:( سر سيرنا ترى ما رأينا)
وقد
سئل الغزالي أسئلة أجاب عن بعضها، وسكت عن أخرى، قائلا لسائله:( اعلم أن بعض
مسائلك التي سألتني عنها لا يستقيم جوابها بالكتابة والقول، إن تبلغ تلك الحالة
تعرف ما هي! وإلا فعلمها من المستحيلات؛ لأنها