اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 66
بَصِيرٌ﴾ (الشورى:27)
قال: هذه حقيقة لا تدل عليها النصوص فقط، بل يدل عليها
الواقع.. واقع كل الناس، فهم إن عاشوا الترف نسوا الخالق والمخلوق.. وظلموا وبغوا.
قلت: لقد قد ذكر الفخر الرازي علة لكون التوسع موجبا للطغيان، فقال: (الإنسان
متكبر بالطبع، فإذا وجد الغنى والقدرة عاد إلى مقتضى خلقته الأصلية وهو التكبر،
وإذا وقع في شدة وبلية ومكروه انكسر فعاد إلى الطاعة والتواضع)[1]
قال: هذا صحيح، ولهذا كان من العقوبة التي تنزل على عباد
الله الغافلين أن تفتح عليهم زهرة الدنيا، ويفاض عليهم نعيمها، قال تعالى:﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ
فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا
أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ (الأنعام:44)
ويروى في هذا عن رسول الله a أنه قال: (إذا رأيتم الله
تعالى يعطي العباد ما يشاءون على معاصيهم فإنما ذلك استدراج منه لهم)، ثم تلا قوله
تعالى:﴿
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ
حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ
مُبْلِسُونَ﴾
(الأنعام:44))[2]
قلت: فقد قيل: إن السبب الذي حمل فرعون على قوله: ﴿
أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى﴾ (النازعات:24) طول العافية والغنى، فإنه لبث
أربعمائة سنة لم يتصدع رأسه، ولم يضرب عليه عرق.
قال: لو أخذته الشقيقة ساعة واحدة لشغله ذلك عن دعوى
الربوبية.
قلت: ألهذا لا ينزل الله تعالى فرجه ابتداء في أكثر
الأحوال؟
قال: أجل.. وهذا من رحمة الله بعباده.. لأن ما يأتيهم قبل
الفرج من فضله الذي لم