اسم الکتاب : ابتسامة الأنين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 20
قال: فكيف لو رأين جمال رب يوسف، وكيف لو غرقن في بحار حبه
المقدسة؟
ثم التفت إلي، وقال: أتدري ما قيمة غيبتك عن الأنين؟
قلت: أجل لقد قال بديع الزمان: (كلـما استعظمت الـمصائب
الـمادية عظُمت، وكلـما استصغرتَها صغرت)[1]، وأعظم احتقار واستصغار هو
عدم الالتفات إليها، أو الاهتمام بها، كما لا يهتم بكل صغير حقير.
ويضرب الإمام بديع الزمان مثلا على ذلك بقوله: (كلما اهتم
الانسان بـما يتراءى له من وهم ليلاً يضخـم ذلك في نظره، بينـما إذا أهملـه
يتلاشى، وكلـما تعرض الانسان لوكر الزنابير ازداد هجومها، وإذا أهملـها تفرقت)[2]
قال: صدقت، وقد سمعته، وهو يصرح بالدعوة إلى ما دعا إليه
الأولياء من إحلال الابتسامة محل الأنين، فيقول: (نعم..! إن الإنسان مثلـما يخفف
حدَّة خصمه باستقبالـه بالبشر والابتسامة، فتتضاءل سَورة العداوة وتنطفىء نار
الـخصومة، بل قد تنقلب صداقةً ومصالحة، كذلك الأمر في استقبال البلاء بالتوكل على
القدير يذهبُ أثره)[3]
قلت: هل سمعته بأذنك؟
قال: دعك من هذا.. وقل لي: ما تشعر؟
قلت: لا أكتمك ـ يا معلم ـ أني لا تزال في روائح الاعتراض
المنتنة.
قال: فما تقول لك؟
قلت: تقول لي: (مرضي خطير، ودائي مستعص، والآلام تفتك بي..
فأنى لي أن أنشغل، وكل خلية مني تتألم.. وهل ينشغل عن النار من اشتمل عليه
لهيبها، فلم يدع