مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ﴾؟
قلت: لعلهم لم يكونوا يرون من نبيهم إلا الطعام الذي يأكله، والشراب الذي يشربه.
قال: نعم .. هو ذاك، فقد كانوا يتصورون أن معجزة النبي ينبغي أن تكون طعاما فارها.
قلت: ويكون كتابه كتاب طبخ يدلهم على أجمل الوصفات التي ترضي شهواتهم.
ضحك، وقال: هذه هي الحقيقة .. فلذلك تجد خشوعهم أمام من يصف لهم المطاعم والمشارب أعظم من خشوعهم أمام من يؤدبهم بآداب الله، ويهديهم إلى سبيله.
قلت: ألا تعلم أن أغلى المنشورات عندنا هي كتب الطبخ .. وأنها مع ذلك أكثر الكتب انتشارا.
قال: فهل يمكن أن يسمع شيئا من استعبدته شهواته، فصرفته عن الله؟
قلت: ولكن الترف عندنا ـ يا معلم ـ تجاوز الأكل والشرب .. فنحن الآن في مراحل متقدمة من الترف.
قال: وما هي؟
قلت: ترف الأكل والشرب أصبح عادة قديمة، وهو على الأقل ترف له معنى، ولكنه نشأ الآن ترف يطلق عليه (الدلال) أو (الترف للترف)