اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 64
ولذلك اتفق مشايخ التربية على أن
من جادل شيخه في تربيته له، لن يفلح أبدا، لأن التربية تستدعي الإذعان والتسليم
والتنفيذ.. وهي مثل الجندية، فالجندي الذي يجادل القائد في أرض المعركة سيكون سببا
في الهزيمة.
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد
الصادق ـ فاسمع لما ألقيه لك من الأدوية والعلاجات التي ذكرها أولياء الله والهداة
إليه، فخذها بقوة، وإياك ان تتكاسل في العمل بها، فالكبر يبدأ صغيرا، ثم يكبر، فإن
كبر لم يمكنك استئصاله، وإن أخرجته من نفسك، وهو صغير، وتمكنت منك العبودية وأخلاق
المتواضعين، دخلت بقدمك في أول مراتب الفائزين.. فأول الفوز التخلص من الكبر.. حتى
لو كان مثقال ذرة، فقد قال رسول الله a: (لا يدخل الجنة رجل في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار
رجل في قلبه مثقال ذرة من إيمان)([55])
وفي جمع رسول الله a بينهما دليل على أن الإيمان
يتنافى مع الكبر، فأول صفات المؤمن الصادق في إيمانه عبوديته لله، وأول ثمار
العبودية التواضع.
العلاج المعرفي:
أول علاج تداوي به الكبر،
وتستأصله به ـ أيها المريد الصادق ـ إزاحة الحجب عن عين القلب ليرى الحقائق كما
هي، لا كما يشتهي.. فيعرف نفسه، وضعفها، ويعرف ربه وعظمته، وحينها يبدأ في وضع كل
شيء في مرتبته التي وضعه الله فيها.. ليتعامل معه على أساس تلك المعرفة.
ذلك أن الكبر ـ كما عرفت ـ ناشئ
من الجهل بالمراتب، وكيفية التعامل معها.. فلو أن إبليس عرف قدر ربه، وعظمته، حق
المعرفة، لما استكبر عليه.. ولو أنه عرف أنه ما ابتلاه بالسجود لآدم إلا لكون آدم
يستحق ذلك السجود، وأن الله ما أمر بذلك إلا لحكمة يعلمها، ل
[55] أبو داود
(4091)، والترمذي (1998)، والطبراني (10001)
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 64