وهكذا قد تتدحرج ثمار الكبر
بالمتكبر إلى أن يعلن نفسه وكيلا عن الله، ووصيا على عباده، أو أنه الله نفسه،
فلذلك يفتري عليه الكذب، لشعوره أنه الحقيق بأن يوحى إليه، قال تعالى في وصف
هؤلاء: ﴿
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى الله كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ
وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ الله وَلَوْ
تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو
أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا
كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى الله غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ
تَسْتَكْبِرُونَ﴾ [الأنعام: 93]
ولم يدرك هؤلاء أن تلك المناصب
الإلهية الرفيعة التي تخول لصاحبها تلقي الوحي الصادق، أو الإلهام المسدد تقتضي
تخلص النفس من كل رعونات الكبر، حتى يصبح عبدا محضا، لا حظ له من الاستعلاء، بل لا
حظ له من الشعور بنفسه، كما قال تعالى عن المسيح عليه السلام: ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ
الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ
وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ
جَمِيعًا﴾ [النساء: 172]
وهكذا لو رجعت ـ أيها المريد
الصادق ـ إلى القرآن الكريم، وبحثت في الموارد التي
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 62