اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 589
الذرائع.. فرسولك لا ينطق عن
الهوى، وكل ما جاء به من الله.. فإياك أن يصيبك أي حرج منه، قال تعالى: ﴿وَمَا
كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ
يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36]
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد
الصادق ـ فاعلم أن الله تعالى حصن دينك بكتابه المقدس المعصوم المحفوظ الذي لا
يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلذلك احرص عليه، واعتبره الحكم عند كل
خلاف.
وإياك أن تقحم الهوى في فهمك له،
أو تعاملك مع آياته، كما فعلت الأمم من قبلنا، فضلوا ضلال بعيدا، قال
تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ
وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ [آل عمران:
187]، وقال: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا
مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ
وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 101]
ومما ورد في تفسير هذه الآيات قول
الإمام الجواد: (وكل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه وولاهم عدوهم حين
تولوه، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده، فهم يروونه ولا
يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية) ([1038])
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد
الصادق ـ فإياك أن تعرض عن الثقل الثاني الذي أوصاك به رسول الله a، وهو أئمة الهدى الذين يرثونه
خير وراثة، ويخلفونه خير خلافة، فقد أوصى بهم، فقال: (إنه
من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين
المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة