responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 510

صالحة، لكن العجلة حالت بينه وبين ذلك، كما أشار إلى ذلك قوله a: (إنّ هذا الدّين متين فأوغل فيه برفق، ولا تبغّض إلى نفسك عبادة الله، فإنّ المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى)([874])

وقد ورد في الحديث ما يشير إلى ما هو أعظم من ذلك كله، فعن سهل بن سعد أنّه قال: إنّ رجلا من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين في غزوة غزاها مع النّبيّ a، فنظر النّبيّ a فقال: من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل النّار فلينظر إلى هذا، فاتّبعه رجل من القوم وهو على تلك الحال من أشدّ النّاس على المشركين حتّى جرح فاستعجل الموت فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتّى خرج من بين كتفيه فأقبل الرّجل إلى النّبيّ a مسرعا فقال: أشهد أنّك رسول الله، فقال: وما ذاك؟ قال: قلت لفلان من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل النّار فلينظر إليه، وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين فعرفت أنّه لا يموت على ذلك، فلمّا جرح استعجل الموت فقتل نفسه. فقال النّبيّ a عند ذلك: (إنّ العبد ليعمل عمل أهل النّار وإنّه من أهل الجنّة، ويعمل عمل أهل الجنّة وإنّه من أهل النّار، وإنّما الأعمال بالخواتيم)([875])

وفي هذا الحديث إشارة إلى ما يقوم به السفهاء وأصحاب الطيش من إفساد أعمالهم التي تعبوا فيها، بسبب مواقف بسيطة كان في إمكانهم الاستغناء عنها، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا﴾ [النحل: 92]

ولهذا كان للإيمان بالجزاء الأخروي أثره الكبير في تربية النفس على التؤدة والرفق، لأن العامل لا ينتظر إلا جزاء ربه، ولذلك يعلم أن ثمرة عمله الحقيقية لن ينالها في الدنيا، وإنما عند الله تعالى.

ولهذا أخبر رسول الله a أن الرفق ـ الذي هو ضد العجلة ـ هو جمال كل عمل،


[874] البيهقي في السنن الكبرى (3/ 18)

[875] البخاري [فتح الباري]، 11( 6607) و اللفظ له، و مسلم( 112)

اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 510
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست