اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 443
وقد ذكر الله تعالى خطبته البليغة
في الملأ من قومه، وأمام فرعون وزبانيته، ومنها قوله: ﴿ أَتَقْتُلُونَ
رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ
رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا
يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ
مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي
الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا﴾ [غافر:
28، 29]
وقد ذكر الله تعالى أنه حفظه بعد قيامه
بواجبه في نصرة الحق، ليبين للمتخاذلين أن الناصر للحق قد يمن الله تعالى عليه
بالموت في سبيل الله، مع الفضل العظيم الذي ينتظره بعده، وقد يمن عليه بالحياة
ليعيش في سبيل الله، وفي كلاءة الله، ليؤدي واجباته التي كلف بها في نصرة الحق
وأهله.
وهكذا ذكر الله تعالى ذينك
الرجلين من قوم موسى عليه السلام، والذين خالفوا قومهم الجبناء، فبعد أن قال لهم
موسى عليه السلام: ﴿دْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ
اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾
[المائدة: 21]، وأجابه قومه بقولهم: ﴿يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا
جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ
يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ﴾ [المائدة: 22]
حينها رأى ذانك الرجلان الصالحان
أن السكوت في ذلك الحين خذلان للحق، فراحا يقولان: ﴿ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ
الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ
فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة: 23]
وقد وصفهما الله تعالى بصفتين،
تنطبقان على كل ناصر للحق، فقد وصفهما بأنهما: ﴿ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ
يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا﴾ [المائدة: 23]
والرجولة بالمعنى القرآني لا تعني
الذكورة، وإنما تعني الشهامة والنبل والمروءة وكل
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 443