اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 438
المجرمين، وحماية المستضعفين من أي دين كانوا.
ويذكر القرآن الكريم أن ما مورس من جهاد في عهد النبي a لم يكن يعدو هذا الغرض،
فهو يوضح أن المسلمين كانوا مستهدفين من الأعداء في كل حين، وأنه لولا ما آتاهم
الله من قوة وسلاح لأجهز عليهم الأعداء، قال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ
يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ
يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ
أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ
فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (البقرة:217)
ولهذا لا نجد في سيرة رسول الله a أي بدء بالعدوان على قرية أو مدينة أو أي جهة من
الجهات، بل كان السلام هو الشعار الذي حمله رسول الهداية ورحمة الله للعالمين.
بل إن رسول الله a كان
يتعامل مع الناس بكل ما تستدعيه الأخلاق الطيبة، من غير نظر إلى الأديان التي هم
عليها، وقد روي أنه عندما دخل وفد نصارى نجران المدينة المنورة دخلوا عليه مسجده
بعد العصر، فحانت صلاتهم فقاموا يصلون في مسجده، فأراد الناس منعهم، فقال رسول
الله a: (دعوهم)، فاستقبلوا المشرق فصلوا
صلاتهم وكانوا ستين راكبا([759]).
وهكذا أوصى رسول الله a بالرفق
بأهل الكتاب، والتعامل معهم بكل ما يستدعيه البر والتسامح والأخلاق الحسنة من
معاملات، وقد روي أنه a أوصى
بأهل مصر، مع علمهم أنهم كانوا من أهل الكتاب، فقال: (إنكم ستفتحون مصر وهى أرض
يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما) ([760])وعلى هذا سار أئمة الهدى
الذين مثلوا الدين الحقيقي، ولم ينحرفوا إلى تلك السبل