اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 415
وانتهاك الأعراض، وهو ما نراه في الواقع البشري، وفي جميع
فترات التاريخ، فالحروب ليست سوى مطامع نفوس حريصة، لم يكفها ما أفاض الله عليها
من رزقه، فراحت تسرق رزق غيرها.
وهكذا؛ فإنك لو تأملت ـ أيها المريد الصادق ـ ما ورد في
النصوص المقدسة حول الحرص والبخل، لعلمت أنهما منبعان لكل الرذائل والمثالب
والمآسي التي حصلت في تاريخ البشرية، وأنهما الحائلان الأكبران بين الإنسان وبلوغ
الكمال.
فقد أخبر الله تعالى أنهما يورثان النفاق، وهو المحل الذي
تجتمع فيه كل المثالب والرذائل، كما قال تعالى ـ مخبرا عن بعض أصحاب رسول الله a، وكيف أخرجه الحرص على المال والبخل به عن تلك الصحبة المقدسة إلى
النفاق ـ: ﴿مِنْهُمْ مَنْ
عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ
مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ
وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ
إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا
كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [التوبة: 75 - 77]
وهكذا نجد الأحاديث النبوية الشريفة تقرن بين البخل والحرص
وأنواع الرذائل لتنبه إلى العلاقة الشديدة بينها، كما ورد في الدعاء عن رسول الله a أنه كان يقول: (اللهمّ إنّي أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن
والبخل، والهرم وعذاب القبر. اللهمّ آت نفسي تقواها، وزكّها أنت خير من زكّاها،
أنت وليّها ومولاها، اللهمّ إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن
نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها)([711])
وفي حديث آخر قرن رسول الله a بين الجبن والشح، فقال: (شرّ ما في رجل: شحّ