اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 391
أن يكلف نفسه بما لا تطيق، أو ما
لا ترغب، وقد ورد في الحديث ناسا من أصحاب النّبيّ a، اشتكوا له، فقالوا: (يا رسول الله ذهب أهل الدّثور ـ أي الأغنياء
ـ بالأجور، يصلّون كما نصلّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدّقون بفضول أموالهم، ولا
نتصدق)، فقال رسول الله a: (أو
ليس قد جعل الله لكم ما تصدّقون؟ إنّ بكلّ تسبيحة صدقة، وكلّ تكبيرة صدقة، وكلّ
تحميدة صدقة، وكلّ تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة) ([649])هذه وصيتي إليك ـ أيها المريد
الصادق ـ فاجتهد في تنفيذها، واعلم أنه لن يكلفك ذلك سوى بعض الجهد القليل، وبعدها
سترى كيف يقذف الله حلاوة العمل الصالح في قلبك؛ فتتحول من الكسل إلى العمل، ومن
الوهن إلى النشاط، من غير أن تشعر، ولذلك ورد في الأثر: (منهومان لا يشبعان: طالب
علم، وطالب دنيا) ([650])ومثلهما
كل من أدمن على أي شيء من الأشياء؛ فالنفس إن تحركت للطاعة، والعمل الصالح، حببه
الله إليها، حتى يصبح أحب إليها من الماء البارد على الظمأ، ولذلك لا يجد مشقة
التكليف إلا الكسالى، أما الصادقون، فإنهم ـ كما يذكرون عن أنفسهم ـ يعيشون في
سعادة لو علمها الملوك لقاتلوهم عليها.