وقال a: (ما أحد أكثر من الرّبا إلّا كان عاقبة أمره إلى قلّة)([614])
وقد لعن رسول الله a كل من رابى أو تعامل مع المرابين، فعن ابن مسعود قال: (آكل الرّبا
وموكله، وشاهداه، وكاتباه إذا علموا به، والواشمة والمستوشمة للحسن، ولاوي الصّدقة،
والمرتدّ أعرابيّا بعد الهجرة، ملعونون على لسان محمّد a)([615])
وعن جابر قال: لعن رسول اللّه a آكل الرّبا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم
سواء)([616])
وإياك بعد هذا أن تتوهم ـ أيها
المريد الصادق ـ أنه يحل لك التصرف في مالك بعد أن تكسبه من الحلال؛ فذلك لا يكفي،
بل عليك أيضا أن تنفقه في الوجوه التي أمرت بها الشريعة، وإلا تحول ذلك المال الذي
كسبته من حلال إلى حرام.
ولهذا ذكر الله تعالى العقوبة
التي يتعرض لها الذين يكنزون أموالهم، وإن كانوا قد كسبوها من حلال، فقال: ﴿
وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ
جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا
كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة:
34، 35]
وقال a: (ما من صاحب ذهب ولا فضّة
لا يؤدّي منها حقّها إلّا إذا كان يوم القيامة، صفّحت له صفائح من نار فأحمي
عليها في نار جهنّم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلّما بردت أعيدت له، في يوم
كان مقداره خمسين ألف سنة حتّى يقضى بين العباد
[613] رواه أبو يعلى بإسناد جيد، ورواه
الحاكم وصححه.