اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 350
ويخبر القرآن الكريم أن تأخير
العقاب لا يعني رفعها؛ فالله تعالى يمهل ولا يهمل، ولذلك فإن العقاب الي يرونه في
الآخرة لا يمكن تصوره، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا
عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ
الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ
طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾ [إبراهيم:42، 43]
وقد وصف القرآن الكريم في آيات
كثيرة بعض صور عقاب الظالمين، لتمتلئ النفس بالمخافة والخشية، ومنها قوله تعالى: ﴿
وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ
يُنْظَرُونَ﴾ [النحل: 85]
وأخبر عن ذلك الذل الذي يغشى
الظالمين المستكبرين، وأنواع التوبيخات التي يتعرضون لها، فقال: ﴿وَأَنْذِرِ
النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا
أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ
أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44)
وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ
كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ﴾ [إبراهيم: 44،
45]
وغيرها من الآيات الكثيرة التي لا
يمكن لمن تدبرها بصدق وإخلاص إلا أن يمتلئ قلبه بالمخافة من الظلم وثماره المرة
الكثيرة التي يعقبها العقاب المهين الطويل، وكل ذلك يردع النفس، ويزكيها، ويزيل
عنها كل الدوافع الداعية إلى الظلم بمراتبه المختلفة.
فإذا ضم إلى ذلك ما ورد في السنة
المطهرة من العقوبات المرتبطة بالظالمين، كان لذلك تأثيره الكبير في ردع النفس
وزجرها، بشرط ألا تصغي للمرجئة الذين يهونون من
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 350