اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 25
الغرور
كتبت ـ أيها المريد الصادق ـ
تشكرني على ما ذكرته لك من أدوية حول مرض الغفلة، وكيفية علاجه، وذكرت أنك جربت
تلك الأدوية التي وصفتها لك، وأنك رأيت بعض آثارها العاجلة عليك، وعلى قلبك.. وأنك
أصبحت ـ لذلك ـ تلتذ بالذكر بعد أن كنت تنفر منه، وترق للمواعظ بعد أن كنت تضيق
منها.
وأنا أبشرك بأنك إن أدمنت على ذلك
وداومت عليه، فستنقشع عن قلبك كل الحجب، وسيزول كل الران الذي يحول بينك وبين رؤية
الحق واتباعه.
لكني ـ مع ذلك ـ أحذرك من مرض لا
يقل خطرا عن الغفلة، بل قد يكون أخا توأما له، وهو مسلك من مسالك الشيطان التي
يتخذها مع من نجا من استحواذه عليه بسبب الغفلة.
وذلك المرض الخطير، هو الغرور،
ذلك الداء الذي تنقصم له الظهور.. جميع الظهور.. حتى ظهور الصالحين التي قد تتذوق
حلاوته، فتأنس لها، وتنسى أن الامتحان لم ينته، وبذلك تسقط، ولو في آخر اللحظات.
لقد ذكر الله تعالى ذلك، وحذر منه
أشد تحذير، وضرب المثل له بآدم عليه السلام، ذلك الذي جاءه الشيطان من هذا الباب،
بعد أن علم استعداده للوسوسة من خلاله، فقال: ﴿فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ﴾
[الأعراف: 22]
فالشيطان استطاع أن يغري آدم
بالأكل من الشجرة، بسبب ما رآه من طمأنينته في الجنة، وتوهمه أنها ستبقى له أبد
الآباد، وأنه لن يزيحه منها أحد، خاصة بعد أن علم لطف الله ورحمته وكرمه.. ولذلك
أتاه الشيطان من هذا الباب، وراح يقسم له بالأيمان المغلظة إلى
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 25