اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 23
منها.
ليس ذلك فقط ما يمكنك أن تقوم به
ـ أيها المريد الصادق ـ لمواجهة داء الغفلة؛ فقد تجد من شياطين الإنس من يلقي إليك
بالوساوس التي تجعل من ذكرك مجرد لقلقة لسان، لا أثر لها في نفسك، ولا تأثير لها
في حياتك.
ولذلك كان أول الطريق البعد عمن
ينسيك ذكر الله، والقرب ممن يذكرك به، كما قال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ
مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ
وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ
وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: 28]
فهذه الآية الكريمة تحذرك من كل
أولئك الشياطين الذين يملؤونك بالغفلة، وينحرفون بحقيقتك عن مسارها الصحيح.. فاحذر
منهم.. واحذر من كل من لا تذكرك بالله رؤيته.. أو يدلك على الله حاله.. أو يزيد في
علمك منطقه.. ذلك الذي إن رآك غافلا ذكرك.. وإن رآك ذاكرا أعانك.
لتكون مثل ذلك الذي قال لصاحبه: (تعال
نؤمن بربنا ساعة)، فغضب الرجل، وجاء إلى النبي a، فقال: يا رسول الله، ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى
إيمان ساعة؟ فقال النبي a: (يرحم
الله ابن رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة)([2])وقد روي أن هذا الصحابي الجليل
الشاعر الشهيد عبد الله بن رواحة، كان يأخذ بيد النفر من أصحابه فيقول: (تعالوا
نؤمن ساعة، تعالوا فلنذكر الله ونزدد إيمانا، تعالوا نذكره بطاعته لعله يذكرنا
بمغفرته) ([3])