responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 204

الاثم و العدوان

كتبت إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن سر تقسيم النصوص المقدسة للذنوب والمعاصي إلى أنواع مختلفة، منها الصغير والكبير، والظاهر والباطن، والإثم والعدوان، واللمم وغيره.. ثم طلبت مني أن أحدثك خصوصا على الإثم والعدوان، كنموذج لأسرار ذلك التقسيم، باعتباره قد ذُكر في القرآن الكريم في مواضع متعددة، وهو ما يدل على أهميته، وضرورة معرفته لمن يريد تزكية نفسه.

وقد سرتني رسالتك كثيرا، وهي تدل على أنك تسير على المنهاج الصحيح في تزكية النفس، ذلك أن المصدر الأكبر للتزكية هو تلك النصوص المقدسة التي حوت كل قوانين التربية والتهذيب والتزكية، وخلت من كل ما قد ينحرف بالنفس ـ عند إرادتها التزكية ـ إلى ما يخرج بها عن الإنسانية والفطرة والجبلة التي جبلت عليها، مثلما حصل للكثير من المدارس التي اخترعت لنفسها من طرق التهذيب ما لم يأذن به الله؛ فأخرجت الإنسان عن إنسانيته، وانتكست بالفطرة عن طبيعتها التي خلقت عليها.

والسر في ذلك واضح، وهو أن العالم الأكبر بالنفس هو الله تعالى، ذلك أنه هو الذي خلق الإنسان، ويعلم خصائصه الظاهرة والباطنة، ولهذا كان أولى من يُرجع

إليه في معرفتها، ومعرفة طرق تهذيبها وتزكيتها وترقيتها، مثلما يُرجع إلى صانع الآلة ومخترعها والخبير بإمكانياتها، وبما يحصل لها من عطب، وبما يؤول إليه أمرها.

ولهذا عقب الله تعالى خطابه للمؤمنين في قوله: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ﴾ [الملك: 13]، بتعقيبين، أولهما قوله: ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الملك: 13]، أي أنه لا يسمع تلك الكلمات التي يقولونها فقط، وإنما يعلم المنابع النفسية التي نبعت منها، وهو

اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 204
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست