responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 186

فهذه الآيات الكريمة، وغيرها كثير من القرآن الكريم يدلك على الطريق الذي تتعرف به على عظمة الله، هو النظر في آياته، وخلقه، وعندما تمتلئ نفسك بمعاني عظمته، تمتلئ بتوقيره، وعند امتلائك بذلك تحذر من معصيته، وتستعمل كل السبل للتقرب إليه.

وإن شئت أن تعرف سر هذا، فاعلم أن الفطرة الإنسانية مجبولة على تعظيم من يملكون القدرات بمختلف أنواعها سواء ارتبطت بالعلم أو بغيره، ولهذا ذكر القرآن الكريم موقف ملكة سبأ حين رأت القصر الممرد من القوارير، ورأت قبل ذلك عرشها، فلم تملك إلا أن تقول: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [النمل: 44]

وهكذا أخبر الله تعالى عن أولي الألباب أنهم يقولون بعد التأمل في السموات والأرض: ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: 191]

وإن شئت ـ أيها المريد الصادق ـ أن تستدل لهذا من الواقع، فانظر إلى مواقف الناس من الأثرياء أو الحكام؛ فهم يتعاملون معهم بحسب مراتبهم، وغناهم، وما يملكون..

ولهذا تجدهم يحذرون من أصحاب المراتب الرفيعة، ويحسبون لهم كل حساب، خشية أن يقعوا في أي سوء أدب معهم قد ينزل عليهم الويلات..

ولهذا، فإن المؤمن العارف بالله وعظمته، يعظم الذنب في عينه حتى لو كان صغيرا، بل إنه يعتقد أن كل الذنوب كبائر.. وهل يمكن أن تسمى معصية الله صغيرة؟

وقد ورد في الحديث قوله a: (إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه، فقال به هكذا ـ أي بيده ـ فذبه عنه)([226])

وفي وصية رسول الله a لأبي ذر قوله: (يا أبا ذر المتّقون سادة، والفقهاء قادة،


[226] البخاري 11 / 88 و89 و90، ومسلم رقم (2744)

اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 186
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست