responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 156

وهو الذي ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42]

وقبل أن أذكر لك تأويلهما، ووجه الجمع بينهما وبين تلك الآيات التي ذكرت أذكر لك مثالا يقرب لك ذلك.. وهو ما يفعله الطبيب عندما يصرف دواء معينا لمريض، وبدل أن يتقيد المريض بمقادير الوصفة التي وصفت له، يتجاوز المقادير المحددة، ويسرف في شرب الدواء لحلاوته ولذته.. فهل يمكن لهذا المريض أن ينجو بفعلته هذه.. أم أن الهلاك مصيره؟

وهكذا الأمر بالنسبة للشهوات التي أتيحت وأبيحت للإنسان في الدنيا؛ فهو إن تناولها برفق، وفي الحدود التي وصفت له، كان فيها نفعه وراحته وسعادته، لكنه إن أسرف فيها، وأدمن عليها، صار داؤه في دوائه، وصار حتفه في تلك اللذة الوهمية التي امتلكته، كما عبر الحكيم عن ذلك بقوله:

داؤك منك وما تبصر ***   *** دواؤك فيك وما تشعر

وقد أشار رسول الله a إلى قريب من ذلك المثال، فقال: (إنّ ممّا أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدّنيا وزينتها)؛ فقيل له: يا رسول الله، أو يأتي الخير بالشّرّ؟ فسكت النّبيّ a هنيهة، ثم قال: (إنّه لا يأتي الخير بالشّرّ، وإنّ ممّا ينبت الرّبيع يقتل أو يلمّ، إلّا آكلة الخضراء، أكلت حتّى إذا امتدّت خاصرتاها استقبلت عين الشّمس فثلطت ورتعت، وإنّ هذا المال خضرة حلوة، فنعم صاحب المسلم ما أعطى منه المسكين واليتيم وابن السّبيل، وإنّ من يأخذه بغير حقّه كالّذي يأكل ولا يشبع، ويكون شهيدا عليه يوم القيامة) ([177])

 

 


[177] البخاري [فتح الباري]، 3 (1465)، 6 (2842)

اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 156
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست