هذه ـ أيها المريد الصادق ـ وصيتي
إليك في مواجهة الهوى؛ فعليك بها، وإياك أن تلتفت لما يقول الناس عنك، أو يتهموك
به، فالحق أحق أن يتبع، وقد قال الإمام علي لبعض من التبس عليه الأمر، فلم يدر من
يرضي ومن يسخط: (إنك امرؤ ملبوس عليك، إن دين الله لا يُعْرف بالرجال، فاعرِف
الحقّ تعرف أهله) ([93])
وكان يقول: (لو أن الباطل خَلُص
من مزاح الحقّ لم يخفَ على المرتادين، ولو أن الحقّ خَلُص من لَبْس الباطل، انقطعت
عنه ألسُن المعاندين ولكن يؤخذ من هذا ضغثٌ، ومن هذا ضغثٌ، فيمزجان فهنالك يستولي
الشيطان على أوليائه، وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى) ([94])
وهذا هو مصداق ما ورد في القرآن
الكريم من الآيات الكريمة المخبرة عن الابتلاءات والاختبارات التي تميز أهل الحق
من أهل الباطل، ومنفذي وصايا أنبيائهم من المعرضين عنها، قال تعالى: ﴿أَمْ
حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جَاهَدُوا
مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: 142]
وأخبر عن الفتن التي ستحصل للأمة،
واعتبرها من الاختبارات اللازمة للأمم،
[92] الشطر الأول
من الحديث ـ كما ينص المحدثون ـ: متواتر، نص على تواتره عدد من الحفاظ، وأما
الزيادة الواردة في الحديث، وهي قوله a: (اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) فهي صحيحة، وقد وردت عن عدد من
الصحابة، وصححها عدد من الحفاظ من رواية أنس بن مالك، وأبي سعيد الخدري، وزيد بن
أرقم، وسعد بن أبي وقاص.. وقد خصص الحافظ ابن عقدة لها مصنفا مستقل، استوعب فيه
طرقها، ومثله السيد أحمد بن الصديق الغماري في: (الإعلام بطرق المتواتر من حديثه
عليه السلام)، بل إن الإمام أحمد نفسه ذكر في (الفضائل)، والنسائي في (الخصائص)،
وابن الجزري في (المناقب)، والهيثمي في (المجمع) روايات كثيرة في الدلالة عليه
وعلى معناه.