اسم الکتاب : الثالوث والفداء المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 91
الذي وهبته لي ليكونوا واحداً كما
نحن واحد)
فقد ذكر المسيح وجه شبه بينه وبين تلاميذه، ولما كان
المسلم به أن وجه الشبه بين المشبهين لا بد أن يكون متحققاً في طرفي التشبيه كان
من غير الجائز أن يكون وجه الشبه بين وحدة المسيح بالآب، ووحدة التلاميذ بعضهم
ببعض، هو الجوهر والمجد والمقام.
لأن هذا المعنى لو كان موجوداً في المشبه به، وهو
وحدة المسيح بالآب على الفرض والتقدير، فهو قطعاً غير موجود في المشبه وهو وحدة
التلاميذ بعضهم ببعض.
لذلك اقتضى القول بأن وجه الشبه هو الغاية والطريق
وإرادة الخير والمحبة دون أن تكون هناك خصومة أو مخالفة أو عداوة.
فالتشبيه في قول المسيح :( ليكونوا واحداً كما نحن)
يفسر لنا معنى الوحدة في قوله:( أنا والآب واحد)
من رآني
فقد رأى الآب:
قلت: فلننتقل إلى ما ورد في إنجيل يوحنا من قول
المسيح :( من رآني فقد رأى الآب)
قال: إن المسيح ـ على ضوء ما سبق ـ أراد أن يقول: إن
من رأى هذه الأفعال التي أظهرها فقد رأى أفعال أبي، وهذا ما يقتضيه السياق الذي
جاءت به هذه الفقرة.
فهذا الكلام كان عن المكان الذي سيذهب إليه المسيح،
وأنه ذاهب إلى ربه، ثم سؤال توما عن الطريق إلى الله، فأجابه المسيح أنه هو
الطريق، أي أن حياته وأفعاله وأقواله وتعاليمه هي طريق السير والوصول إلى الله.
وهذا مما لا خلاف فيه، فكل قوم يكون نبيهم ورسولهم
طريقا لهم إلى ربهم.. ثم يطلب فيليبس من المسيح أن يريه الله، فيقول له متعجبا :(
كل هذه المدة أنا معكم، وما زلت تريد رؤية الله )، ومعلوم أن الله تعالى ليس جسما
حتى يرى، فمن رأى المسيح ومعجزاته وأخلاقه وتعاليمه التي تجلى فيها الله تعالى
أعظم تجل، فكأنه رأى الله، فالرؤية رؤية معنوية.
اسم الکتاب : الثالوث والفداء المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 91