اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 352
والشعور بحصوله لذيذ.. وبهذه العلة تعظم اللذة مهما
صدر الثناء ممن تتسع قدرته وينتفع باقتناص قلبه، ويضعف مهما كان المادح ممن لا
يؤبه له ولا يقدر على شيء، وبهذه العلة أيضاً يكره الذم ويتألم به القلب، وإذا كان
من الأكابر كانت نكايته أعظم لأن الفائت به أعظم.
قال الرجل:
فما الجذر الثالث؟
قال زكريا:
هو أن ثناء المثني ومدح المادح سبب لاصطياد قلب كل من يسمعه، لا سيما إذ كان ذلك
ممن يلتفت إلى قوله ويعتد بثنائه، وهذا مختص بثناء يقع على الملأ، فلا جرم كلما
كان الجمع أكثر والمثني أجدر بأن يلتفت إلى قوله كان المدح ألذ والذم أشد على
النفس.
قال الرجل:
فما الجذر الرابع؟
قال زكريا:
هو أن المدح يدل على حشمة الممدوح، واضطرار المادح إلى إطلاق اللسان بالثناء على
الممدوح إما عن طوع وإما عن قهر، فإن الحشمة أيضاً لذيذة لما فيها من القهر
والقدرة، وهذه اللذة تحصل وإن كان المادح لا يعتقد في الباطن ما مدح به، ولكن كونه
مضطراً إلى ذكره نوع قهر واستيلاء عليه.
قام آخر،
وقال: عرفنا حقيقة الجاه والجذور التي ينبت منها.. فعلمنا الآن كيف نوجهه التوجيه
الصحيح؟
قال زكريا:
سأذكر لكم سبعة أدوية من عرف كيف يستعملها فإنه لا يبالي إلا بنظر مولاه.
قلنا: فما
أولها؟
قال زكريا: أن
يتفكر في الأخطار التي يستهدف لها أرباب الجاه في الدنيا، فإن كل ذي جاه محسود
ومقصود بالإيذاء وخائف على الدوام على جاهه ومحترز من أن تتغير منزلته في القلوب..
والقلوب أشد تغيراً من القدر في غليانها، وهي مترددة بين الإقبال والإعراض،
اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 352