responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 351

تزول منزلته به، فهذا أيضاً مباح لأن حفظ الستر على القبائح جائز، ولا يجوز هتك الستر وإظهار القبيح.. وهذا ليس فيه تلبيس، بل هو سد لطريق العلم بما لا فائدة في العلم به، كالذي يخفي عن السلطان أنه يشرب الخمر ولا يلقى إليه أنه ورع، فإنه قوله: إني ورع تلبيس، وعدم إقراره بالشرب لا يوجب اعتقاد الورع، بل يمنع العلم بالشرب.

ومن جملة المحظورات في هذا تحسين الصلاة بين يديه ليحسن فيه اعتقاده، فإن ذلك رياء، وهو ملبس إذ يخيل إليه أنه من المخلصين الخاشعين لله وهو مراء بما يفعله، فكيف يكون مخلصاً؟ فطلب الجاه بهذا الطريق حرام وكذا بكل معصية، وذلك يجري مجرى اكتساب المال الحرام من غير فرق، وكما لا يجوز له أن يتملك مال غيره بتلبيس في عوض أو غيره فلا يجوز له أن يتملك قلبه بتزوير وخداع، فإن مللك القلوب أعظم من ملك الأموال.

قام آخر، وقال: وعينا كل ما ذكرت.. ونحن نريد الآن أن تذكر لنا الجذور التي ينبت منها حب المدح الذي هو ثمرة حب الجاه، فلا يمكن معالجة شيء من غير معرفة جذوره.

قال زكريا: صدقت.. وقد تأملت هذا.. فوجدت أربعة جذور تنبت منها شجرة الجاه في القلب.

قال الرجل: فما الجذر الأول؟

قال زكريا: الأول هو شعور النفس بالكمال، فقد عرفنا أن الكمال محبوب، وكل محبوب فإدراكه لذيذ.. فمهما شعرت النفس بكمالها ارتاحت واعتزت وتلذذت.. ولذلك فإنها إذا مدحت ترسخ حب الجاه فيها، وصعب قلعه.

قال الرجل: فما الجذر الثاني؟

قال زكريا: هو أن المدح الذي هو مطلوب محب الجاه يدل على أن قلب المادح مملوك للممدوح وأنه مريد له ومعتقد فيه ومسخر تحت مشيئته.. وملك القلوب محبوب

اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 351
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست