responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 310

لقد قال أبو سليمان الداراني يعبر عن هذه الفائدة: (أحلى ما تكون إلى العبادة إذا التصق ظهري ببطني)، وقال: (إذا جاع القلب وعطش صبا ورق، وإذا شبع عمى وغلط)

وقال الجنيد: (يجعل أحدهم بينه وبين صدره مخلاة من الطعام ويريد أن يجد حلاوة المناجاة)

قلنا: عرفنا الثانية.. فهات الثالثة.

قال عيسى: الثالثة الانكسار والذل وزوال البطر والفرح والأشر الذي هو مبدأ الطغيان والغفلة عن الله تعالى، فلا تنكسر النفس ولا تذل بشيء كما تذل بالجوع، فعنده تسكن لربها وتخشع له وتقف على عجزها وذلها إذا ضعفت منتها وضاقت حيلتها بلقيمة طعام فاتتها، وأظلمت عليها الدنيا لشربة ماء تأخرت عنها، وما لم يشاهد الإنسان ذل نفسه وعجزه لا برى عزة مولاه ولا قهره، وإنما سعادته في أن يكون دائماً مشاهداً نفسه بعين الذل والعجز ومولاه بعين العز والقدرة والقهر.

قلنا: عرفنا الثالثة.. فهات الرابعة.

قال عيسى: الرابعة أن لا ينسى بلاء الله وعذابه؛ ولا ينسى أهل البلاء، فإن الشبعان ينسى الجائع وينسى الجوع، والعبد الفطن لا يشاهد بلاء من غيره إلا ويتذكر بلاء الآخرة، فيذكر من عطشه عطش الخلق في عرصات القيامة، ومن جوعه جوع أهل النار، حتى إنهم ليجوعون فيطعمون الضريع والزقوم ويسقون الغساق والمهل.

وهذا أحد الأسباب الذي اقتضى اختصاص البلاء بالأنبياء والأولياء والأمثل فالأمثل.. ولذلك قيل ليوسف u: لم تجوع وفي يديك خزائن الأرض؟ فقال: (أخاف أن أشبع فأنسى الجائع)، فذكر الجائعين والمحتاجين فائدة عظيمة من فوائد الجوع فإن ذلك يدعو إلى الرحمة والإطعام والشفقة على خلق الله عز وجل، والشبعان في غفلة عن كل ذلك.

اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 310
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست