responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 308

وقالت: لو أردت أن أخبركم بكل شبعة شبعها رسول الله a حتى مات، لفعلت[1].

وعلى هذا اتفق جميع العلماء والحكماء والصالحين:

فهذا لقمان الحكيم يقول لابنه: (يا بني إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة)

وسئل حكيم: بأي قيد أقيد نفسي؟ قال: (قيدها بالجوع والعطش، وذللها بإخمال الذكر وترك العز، وصغرها بوضعها تحت أرجل أبناء الآخرة، واكسرها بترك زي القراء عن ظاهرها، وانج من آفاتها بدوام سوء الظن بها، واصحبها بخلاف هواها)

قال رجل من الحاضرين: لم كان الأمر كذلك.. لم تشدد كل هؤلاء الشهود العدول على هذه الشهوة؟

قال عيسى: لأن البطن ينبوع الشهوات ومنبت الأدواء والآفات، إذ يتبعها شهوات أخرى يستحيا من ذكرها.. ثم تتبع ذلك شدة الرغبة في الجاه والمال اللذين هما وسيلة إلى التوسع في تلك الشهوات؛ ثم يتبع استكثار المال والجاه أنواع الرعونات وضروب المنافسات والمحاسدات؛ ثم يتولد بينهما آفة الرياء وغائلة التفاخر والتكاثر والكبرياء، ثم يتداعى ذلك إلى الحقد والحسد والعداوة والبغضاء، ثم يفضي ذلك بصاحبه إلى اقتحام البغي والمنكر والفحشاء، وكل ذلك ثمرة إهمال المعدة وما يتولد منها من بطر الشبع والامتلاء، ولو ذلل العبد نفسه بالجوع، وضيق به مجاري الشيطان لأذعنت لطاعة الله ولم تسلك سبيل البطر والطغيان، ولم ينجز به ذلك إلى الانهماك في الدنيا وإيثار العاجلة على العقبى، ولم يتكالب كل هذا التكالب على الدنيا.

قال آخر: إن ما ذكرته مجمل، ونحن نريد التفصيل.. فلا يصل بالحقائق إلى العقول


[1] رواه ابن عساكر.

اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 308
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست