وقد أخبر الله تعالى عن تأثير العفو
والمقابلة بالحسنى في المودة، فقال:﴿ وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ
كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ (فصلت:34)
قلت: فهل ورد في السنة ما يدل على هذا؟
قال: ذلك كثير.. منه ما حدث به جابر بن عبد الله أنه غزا مع
رسول الله a قبل
نجد، فلما قفل رسول الله a قفل معه، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه، فنزل رسول
الله a
وتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله a تحت سمرة، فعلق بها سيفه، قال
جابر: فنمنا نومة فإذا رسول الله a يدعونا فجئناه، فإذا عنده أعرابي جالس، فقال رسول الله a: (إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم،
فاستيقظت وهو في يده صلتًا، فقال لي: من يمنعك مني؟ قلت: الله، فها هو ذا جالس)،
ثم لم يعاقبه رسول الله a..
وقد كانت نتيجة هذا العفو أن رجع الرجل
إلى قومه، وقال:(جئتكم
من عند خير الناس)[1]
ومنه ما حدث به الرواة من قصة ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة،
وأسره.. فقد ورد في بعض الروايات: أن رسول الله a بعث خيلا قبل نجد فجاءت برجل من
بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة ولا يشعرون من هو حتى أتوا به
رسول الله a،
فقال: (أتدرون من أخذتم؟ هذا ثمامة بن أثال الحنفي، أحسنوا اساره)، فربطوه بسارية
من سواري المسجد[2].
وفي رواية أخر أن ثمامة كان رسول مسيلمة
إلى رسول الله a قبل
ذلك وأراد اغتياله،