أما الكلمة الخامسة، فقوله تعالى:﴿ وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ
بَيْنَكُمُ ﴾ أي: أني لن أحكمكم إلا بما يقتضيه العدل..
أما الكلمة السادسة، فقوله تعالى:﴿ اللَّهُ رَبُّنَا
وَرَبُّكُمْ ﴾.. وهي آية عظيمة في مدلولها المرتبط بالعدل.. فالآية تذكر
المؤمنين أن رب العباد ـ كافرهم ومؤمنهم واحد ـ ولذلك لا ينبغي التعامل معهم إلا
وفق ما أمر به الله.. والله لم يأمر إلا بالعدل.
أما الكلمة السابعة، فقوله تعالى:﴿ لَنَا أَعْمَالُنَا
وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ﴾ أي لكل منا عمله الذي يحاسب عليه، ويسأل عنه..
وكل ذلك عند الله.. وفي هذا منتهى العدل.. فالعادل هو الذي يسلم الأمر لأهله، ولا
يتدخل إلا فيما تطلبه العدالة من مواقف.
أو أن هذه الآية مثل قوله تعالى:﴿ وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ
لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا
بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (يونس:41).. أي أن حالي كحالكم، فأنتم لا
ترضون عن عن عملي كما أني لا أرضى عن عملكم.. ولذلك لا ينبغي أن يجور أحد منا على
الآخر.
أما الكلمة الثامنة، فقوله تعالى:﴿ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمُ ﴾ أي لا خصومة بيننا وبينكم بسبب مواقف بعضنا من بعض..
فالبراءة من العمل لا تعني الإلزام الذي يتنافى مع العدل.
أما الكلمة التاسعة، فقوله تعالى:﴿ اللَّهُ يَجْمَعُ
بَيْنَنَا ﴾ أي: يوم القيامة، وفي هذا توجيه للمؤمنين بتسليم الأمر لعدالة
الله.. وكأنها تقول للمؤمنين المستعجلين: روديكم.. ذروا هؤلاء الذين تبرأتم من
أعمالهم لله.. فالله هو الحكم العدل الذي يحكم بينكم.
أما الكلمة العاشرة، فقوله تعالى:﴿ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ
﴾ أي: المرجع والمآب يوم الحساب.. في هذا تذكير بالعدالة المطلقة التي
تتجلى في ذلك اليوم العظيم الذي تنصب فيه الموازين فلا تضيع مثقال ذرة.. قال تعالى:﴿
إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا
وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً﴾ (النساء:40)، وقال تعالى:﴿
وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ